1180775
1180775
العرب والعالم

المجلس الدستوري الجزائري يعلن شغور منصب الرئيس وبن صالح يتولى الرئاسة بالوكالة

03 أبريل 2019
03 أبريل 2019

المحتجون يطالبون بتغيير جذري للنظام ودعوات خارجية لعدم التدخل -

الجزائر - عمان - (وكالات) -

أعلن رئيس المجلس الدستوري في الجزائر الطيب بلعيز المعين مؤخرا من قبل الرئيس الجزائري المستقيل عبد العزيز بوتفليقة أمس ثبوت شغور منصب الرئيس .

وأخطر المجلس البرلمان رسميا بثبوت حالة شغور منصب الرئيس، حيث سيتم نشر خبر الشغور في الجريدة الرسمية.

وجاء ذلك بعد اجتماع أعضاء المجلس لتأكيد حالة الشّغور الرسمي لمنصب رئيس الجمهورية.

وبموجب الدستور الجزائري، يتولى رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح (77 عاما) رئاسة الجزائر بالوكالة لمدة أقصاها 90 يوما تجري خلالها انتخابات رئاسية.

واحتفل الجزائريون باستقالة بوتفليقة بعد أن أمضى نحو عشرين عاما في الحكم، متعهّدين مواصلة الاحتجاجات للمطالبة بتغيير جذري للنظام السياسي.

وقّدم بوتفليقة استقالته مساء أمس الأول تحت ضغط الشارع وإثر تخلي الجيش عنه، وقد أوردت وسائل الإعلام الجزائرية أن بوتفليقة أبلغ المجلس الدستوري باستقالته «ابتداء من تاريخ - الثلاثاء -».

وأطلقت على الفور أبواق السيارات في شوارع العاصمة ترحيبا باستقالة الرئيس الذي اختفى تقريبا عن الإعلام منذ عام 2013 إثر إصابته بجلطة دماغية. لكن كثرا أكدوا مواصلة الاحتجاجات ورفضهم لأي عملية انتقالية تبقي السلطة بيد «النظام».

وقالت متظاهرة إنها تريد لابنتها أن تتذكر هذا اليوم التاريخي. مؤكدة أن رحيل بوتفليقة ليس نهاية المطاف.

ووصف آخر الاستقالة بأنها متأخرة جدا، وقال إن رحيل بوتفليقة لم يعد كافيا نريدهم أن يرحلوا جميعا. نريد الحرية كاملة، مؤكدا أن المسيرات لن تتوقف. وقال آخرون «إنها البداية، كل يوم، ستكون هناك تظاهرة. لن نتوقف».

في المقابل، أعطى غيره بوتفليقة حقه، معبرين عن أسفهم لتشبثه بالحكم.

وقال بيلان ابراهيم (40 عاما) «بوتفليقة اشتغل. لقد صوت له في البداية، لكنه لم يعرف كيف يخرج مرفوع الرأس».

وقال مهندس بالشركة الوطنية للكهرباء والغاز المملوكة للدولة (سونلغاز) يدعى بوزيد عبدون (25 عاما) أمس ، «نريد رئيسا يفهم ما نريد، نريد أن نعيش هنا لا أن نهاجر إلى أوروبا».

وقال محسن بلعباس، رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض، إن «الاستقالة خطوة للأمام ولا تحقق كل مطالب الشعب الذي طالب برحيل النظام وجميع فلوله».

وأضاف بلعباس :«الشعب كان ينتظر مرحلة انتقالية تضمن وصوله لجميع ما خرج من أجله منذ ستة أسابيع ولكن المناورات التي جرت مؤخرا كانت تصب في هدف إنقاذ النظام ».

ودعا الجزائريين إلى العودة للتظاهر غدا الجمعة على اعتبار أنهم «حقّقوا جزءا مهما من مطالبهم ولكن مازال الطريق طويلا نحو الهدف المنشود». وأضاف :« يجب أن يضمن الجزائريون ألا يكون هناك تزوير في المرحلة القادمة ، رحيل بوتفليقة عن طريق وجوه تسببت في الأزمة، لن يرضي الشارع مائة بالمائة، فالتزوير الانتخابي كان قبل عهد بوتفليقة وهذه الاستقالة جاءت بضغط من الجيش وإصرار من الشّارع».

من جهته ، اعتبر رئيس حزب التنمية والعدالة، عبد الله جاب الله، إن «استقالة الرئيس الذي سحب الشعب ثقته منه عبر مسيرات مليونية في جميع ولايات الوطن هو ثمرة أولى للحراك».

وأضاف في تصريح لـه أن «الواجب في مثل هذا الوضع هو إيجاد حلّ غير عادي يجمع بين مضامين المواد 7 و8 و102، فتؤخذ حالة الشغور من المادة 102، وتوضع الآليات التي تقوى على تجسيد مضامين المادة السابعة، ثم يصار بعد مرحلة انتقالية قصيرة إلى تفعيل مضامين المادة الثامنة».

من جهته أبدى رئيس حزب حركة مجتمع السلم الإسلامي، المعارض عبد الرزاق مقري ارتياحه من «تعجيل استقالة الرئيس بوتفليقة قبل نهاية العهدة الرئاسية ».

وذكر مقري بموقف حزبه «المعلن عنه بخصوص تفعيل المادة 102 باعتبارها تطلق مسارا دستوريا غير كاف لتحقيق الإصلاحات».

وأكد أن «تفعيل المادتين 7 و 8 لا يتم إلا من خلال إجراءات إصلاحية عملية ، مما يتطلب المزاوجة بين المسار الدستوري والتدابير السياسية الضرورية والعاجلة لضمان انتقال ديمقراطي حقيقي يجسد الإرادة الشعبية عبر الانتخابات الحرة والنزيهة».

واعتبر أنه بعد كل الإجراءات السابقة، «يجب تغيير حكومة (نور الدين) بدوي وتغيير رئيس مجلس الأمة وفق المطالب الشعبية الملحة، وإنشاء الهيئة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات وتعديل قانون الانتخابات ورفع الحظر عن تأسيس الأحزاب والجمعيات وتحرير وسائل الإعلام من الضغط والابتزاز وحماية الاقتصاد الوطني واسترجاع ما يمكن استرجاعه من الثروات المنهوبة». وشدد على «وجوب البناء لجزائر جديدة تتجسد فيه الإرادة الشعبية من خلال حوار جاد ومسؤول للاتفاق على الإصلاحات الضرورية والممكنة قبل العودة للمسار الانتخابي بمرافقة المؤسسة العسكرية».

وكانت الجزائر قبل الأزمة السياسية الأخيرة بمنأى عن تداعيات «الربيع العربي» الذي أسقط الرئيس السابق زين العابدين بن علي والزعيم السابق معمّر القذافي في تونس وليبيا المجاورتين.

لكن قرار ترشيح بوتفليقة في فبراير الماضي لولاية (عهدة) رئاسية خامسة أثار نقمة شعبية بخاصة في صفوف الشباب. وبعد أن أعلن تخليه عن الترشح لولاية خامسة، أعلن إرجاء الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في الثامن عشر من أبريل ووعد بإقرار إصلاحات تمهد لإجراء انتخابات رئاسية لم يحدد تاريخا لها. لكن الشارع رفض تماما هذه الاقتراحات واعتبرها تمديدا لولايته بحكم الأمر الواقع.

وكانت الرئاسة الجزائرية أصدرت بيانا مساء الإثنين جاء فيه أن بوتفليقة سيتنحى قبل انتهاء مدة ولايته الحالية في الثامن والعشرين من أبريل.

ومساء الثلاثاء جاء في الخبر الذي تناقلته وسائل الإعلام وبينها التلفزيون الوطني ووكالة الأنباء الجزائرية الرسمية أن بوتفليقة «أخطر رسميا رئيس المجلس الدستوري بقراره إنهاء عهدته بصفته رئيسا للجمهورية» وذلك «ابتداء من تاريخ - الثلاثاء -».

وجاء في نص الرسالة التي نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية «إنّ قصدي من اتّخاذي هذا القرار إيمانًا واحتسابًا، هو الإسهام في تهدئة نفوس مواطنيّ وعقولهم لكي يتأتّى لهم الانتقال جماعيًا بالجزائر إلى المستقبل الأفضل الذي يطمحون إليه طموحًا مشروعًا».

وأظهرت مقتطفات مصورة بوتفليقة جالسا على كرسي نقال يسلّم كتاب استقالته إلى رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز.

وفي ردود الفعل الخارجية، اعتبرت الولايات المتحدة أن مستقبل الجزائر يقرّره شعبها.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية روبرت بالادينو إن «الشعب الجزائري هو من يقرر كيفية إدارة هذه الفترة الانتقالية».

من جهته دعا الكرملين أمس إلى عملية انتقالية سياسية في الجزائر من «دون أي تدخل» خارجي.

وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان أنّ فرنسا واثقة من أنّ الجزائريين سيُواصلون السعي إلى «انتقال ديمقراطي». وقال في بيان «نحن واثقون من قدرة الجزائريين على مواصلة هذا التحوّل الديموقراطي بنفس روح الهدوء والمسؤولية» التي سادت خلال الأسابيع الفائتة.

وقبل ساعات قليلة من إعلان الاستقالة، دعا رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح في بيان إلى «التطبيق الفوري للحل الدستوري» الذي يتيح عزل بوتفليقة.

وكان يشير إلى المخرج الدستوري الذي اقترحه الأسبوع الماضي ويتمثل في تطبيق المادة 102 من الدستور التي تؤدي إلى إعلان عجز رئيس الجمهورية عن ممارسة مهامه بسبب المرض.

وقال الفريق قايد صالح إن المساعي التي يبذلها الجيش «تؤكد أن طموحه الوحيد هو ضمان أمن واستقرار البلاد وحماية الشعب من العصابة التي استولت بغير حق على مقدرات الشعب الجزائري». وكان قايد صالح يُعتبر من المخلصين لبوتفليقة.

وكان بوتفليقة قد شكّل الأحد حكومة جديدة برئاسة نور الدين بدوي غالبية وزرائها من التكنوقراط.

وقد ضمّت وزراء من الحكومة السابقة لا سيما الفريق صالح الرجل الثاني في ترتيب المراسم البروتوكولية، كما ضمّت الشقيق الأصغر للرئيس ومستشاره الخاص السعيد بوتفليقة، الذي كان يعتبر وريثه المحتمل في الرئاسة.

وكان نفوذ السعيد بوتفليقة تزايد في الآونة الأخيرة مع تدهور صحة شقيقه، لكن الاستقالة قد تحرمه هذا النفوذ. فيما أفادت وسائل إعلام جزائرية أمس بتحويل رجل الأعمال «علي حداد» المقرب من الرئيس المستقيل إلى سجن الحراش بعد سماع أقواله أمام قاضي التحقيق .

وذكرت صحيفة «النهار» الجزائرية أن حداد مثل أمام قاضي التحقيق لدى محكمة بئر مراد رايس، حيث دامت جلسة الاستماع لساعات في التهم الموجهة له ، لافتة إلى أن حداد سيخضع لتحقيق ثان مع فصيلة أبحاث الدرك الوطني التي ستحقق معه في قضايا الفساد. وأشارت إلى أن رجل الأعمال علي حداد سيخضع للتحقيق برفقة عدد كبير من رجال الأعمال لافتة إلى العثور بحوزته على ثلاثة جوازات سفر بطريقة غير قانونية.